قدم وزير الصحة مصطفى الفرجاني، مساء امس الأربعاء خلال الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المخصصة للنظر في مهمة الصحة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، رؤية الوزارة لإصلاح المنظومة الصحية في تونس، التي قال إنها “تركز على إعادة بناء قطاع الصحة على أسس جديدة بعيداً عن الممارسات التقليدية التي أثبتت محدوديتها”.
وأوضح الوزير أن المقاربة الحالية تتجاوز معالجة النقائص الطارئة لتشمل صياغة رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى تعزيز الصحة العمومية كركيزة للدولة الاجتماعية وحق دستوري لكل المواطنين.
وأشار الفرجاني إلى أن المنظومة الصحية التونسية شهدت في السنوات الماضية تراجعا واضحا نتيجة اعتماد نفس السياسات دون تطوير، في حين يشهد العالم تطورا سريعا في طرق العلاج والتجهيزات الطبية.
وشدّد على أن استمرار نفس الآليات لا يمكن أن ينتج سوى نفس النتائج، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين احتياجات المواطنين، خصوصا في المناطق الداخلية، وبين قدرات المرفق الصحي العمومي.
وقال إن الوزارة تعمل على إعادة الاعتبار لمبدأ العدالة الصحية عبر ضمان النفاذ العادل والمتكافئ للخدمات الصحية في كل الجهات، مع إعطاء أولوية للمناطق الأكثر تهميشاً.
كما تناول الوزير التحديات التقنية والديموغرافية التي تواجه المنظومة الصحية، مشيرا إلى التحولات السريعة في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، والتشخيص المتقدم، والطب الشخصي، مؤكدا أن الإدارة التقليدية للقطاع لم تعد كافية.
وأوضح أن تونس بدأت تواكب هذه التطورات عبر إدخال جراحة الروبوت واعتماد العلاجات الجينية، في حين فرض التغير المناخي وظهور أمراض جديدة حتى في أوروبا ضرورة تعزيز قدرات الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأوبئة، مستفيدين من دروس جائحة كوفيد-19.
وأشار الوزير كذلك إلى التحول الديموغرافي الذي يشهده المجتمع التونسي، حيث تجاوزت نسبة المسنين 65 سنة نسبة الأطفال دون 15 سنة، ما يفرض إعادة توجيه سياسات الرعاية الصحية نحو طب الشيخوخة، وتجهيزات خاصة وإطارات مدربة على إدارة الأمراض المزمنة والمعقدة.
واعتبر الفرجاني أن هذه التحديات تتطلب إعداد رؤية شاملة تضمن قدرة المنظومة على الصمود والتكيف مع التغيرات المستقبلية.
فيما يخص الوقاية والأمن الصحي، شدّد الوزير على أن الأمن الصحي أصبح جزءا من الأمن القومي، وأن الوزارة تعمل على تطوير منصة رقمية ذكية تربط المؤسسات الصحية لمتابعة الأمراض المستجدة واتخاذ القرارات بسرعة.
وأضاف أن تونس أحرزت تقدما في برامج التلقيح والتقصي المبكر للأورام، مع إطلاق برامج جديدة للوقاية من الأمراض غير السارية في كامل الولايات ابتداءً من سنة 2026.
Radio RM FM اسمعنا على موجات الأثير 99.8 FM