قالت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إنه تفاجئت بإقدام السلطة على غلق مقرّ هيئة النفاذ للمعلومة ونقل موظفيها لمقرّ رئاسة الحكومة في إنهاء واقعيّ لدورها كهيئة عمومية مستقلة لضمان الحق الدستوري في النفاذ إلى المعلومة.
و أدانت النقابة بأشد العبارات هذا القرار الذي يفرض أمرا واقعا بتهديم أحد عناصر البناء الديمقراطي وهي الهيئات المستقلة وكانت السلطة قد أقدمت بنفس الأسلوب دون تبرير قانوني على غلق هيئة مكافحة الفساد وتجميد الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعي والبصري ”الهايكا”.
و جاء في بيان صادر اليوم الأربعاء عن النقابة أن الصحافة التونسية تعيش منذ سنوات عراقيل متواصلة في النفاذ إلى المعلومات الرسمية حيث تُمارس أغلب الهياكل العمومية سياسة التعتيم والتهرّب من الشفافية، وكانت هيئة النفاذ إلى المعلومة إحدى أهم الأداوات التي ساعدت في فرض احترام القانون ووفّرت للصحفيين سندا في معركتهم اليومية ضد البيروقراطية والتكتم مما من شأنه أن يؤشر إلى أنّ تعطيل هذه الهيئة اليوم لا يمكن قراءته إلا كخيار مقصود من السلطة لفرض سياسة الأمر الواقع وإرجاع البلاد إلى مربع إعلام البروبغندا والتضليل.
كما يعدّ تعطيل الهيئة وسيلة لتحويل الصحافة إلى مجرد أداة للترويج والدعاية الرسمية وقطع الطريق أمام كل صحافة جادة واستقصائية، بما من شأنه أن يمثل ضربة قاصمة لما تبقى من إعلام مهني ومستقل.
وتمثل هذه الخطوة المسقطة والمجحفة تجاوزا خطيرا لاختصاص مجلس نواب الشعب ذلك أنّ القانون الأساسي عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتعلق بالنفاذ إلى المعلومة يمنحه سلطة تعيين أعضاء الهيئة وتجديدها، لتُعتبر هذه الخطوة إفراغا لتلك الصلاحية من محتواها وحرمان نواب الشعب من أداة فعالة لمراقبة عمل الأجهزة التنفيذية.
وحمّلت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين السلطة المسؤولية الكاملة عن هذا المسار الخطير باعتبارها الطرف المباشر الذي عطّل الهيئة وأغلق أبواب المعلومة أمام الصحفيين والمواطنين في تناقض صارخ مع وعودها بالشفافية، داعية إياها إلى التراجع الفوري عن غلق الهيئة وتمكينها من ممارسة مهامها والالتزام بمبدأ الشفافية باعتباره حقا دستوريا وقانونيا لا مجرد خيار سياسي.
و دعت مجلس نواب الشعب لتحمل مسؤوليته في حماية الهيئات العمومية والمستقلة واحترام القانون بالإسراع بانتخاب الأعضاء الشاغرين بالهيئة لضمان استمرارية عملها وتطوير إطارها التشريعي بما يعزز سلطة الهيئة ويجعل قراراتها ملزمة وفورية.
و جددت دعوتها لضرورة إلتزام كل مؤسسات الدولة باحترام حق النفاذ إلى المعلومة وتسهيل عمل الصحفيين دون مماطلة أو انتقائية و سنّ آليات زجرية ضد الإدارات والمسؤولين الذين يعرقلون النفاذ إلى المعلومة ويحتجزونها.
وحمّلت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين السلطة مسؤولية مباشرة في دفع الإعلام التونسي نحو الانحطاط والتضليل، داعية الصحفيات والصحفيين وكل أصحاب المصلحة للتصدي لهذا المنعرج الخطير الذي يستهدف حقا دستوريا ومواطنيا أصيلا في المعلومة، فالصحافة الحرة لا تُمارَس بالشعارات وإنما بضمان الشفافية والحق في الوصول إلى الحقيقة وأي محاولة لإسكات الصحافة أو تجويعها بالمعلومة لن تمرّ دون مقاومة