إن التوجه نحو استهلاك المنتجات الوطنية، بل والمحلية، يعد أمرا حاسما لأجل تحقيق النمو الشامل وتحسين نفقاتنا من العملات الصعبة، ذلك ما تظهره مذكرة، بعنوان “تعزيز الإنتاج الوطني: تفكيك أولا لمفهوم المستهلك العالمي”، نشرها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات.
وأوصى المعهد، في هذا الصدد، بوجوب تغيير أنماط الإستهلاك، علاوة على تعزيز إستهلاك المنتجات الوطنية، بل والمحلية، والذي يشكل ركيزة إستراتيجية لدعم الصلابة والسيادة الإقتصادية.
ويهدف الإستهلاك الوطني والمحلي، وفق المصدر ذاته، إلى خلق تناغم إقتصادي عام: فكل وحدة نقدية تنفق لشراء منتج وطني (أو محلي) تؤدي إلى زيادة في الدخل الوطني والنشاط الإقتصادي العام.
واعتبر المعهد، أن إستهلاك المنتجات الوطنية، بل والمحلية، له أيضا تداعيات إجتماعية، فهو يساعد على الحفاظ على الهوية الثقافية والتقاليد الفريدة للمجتمعات، فالإستهلاك المسؤول، الذي يفضل القرب الجغرافي والتاريخي يرمي إلى تعزيز قيم الإنتماء والتضامن.
وفي ما يتعلق بأهداف الإستدامة، يشير المعهد إلى أن استهلاك المنتجات الوطنية، على عكس المنتجات المستوردة، يفرض أقل تلوّث ناتج عن النقل.
وبخصوص التداعيات الإقتصادية لإستهلاك المنتجات الوطنية، يصف المعهد الآثار غير المباشرة، التي تظهر من خلال زيادة الجذب السياحي لأولئك، الذين يبحثون عن تجربة ثقافية ثرية ومشخّصة (التراث الغذائي والملابس والمعمار).
كما حدد المعهد، في هذه المذكرة، أيضا الآثار الإقتصادية المباشرة، التي تظهر أساسا من خلال زيادة الطلب على المنتجات الوطنية، بل والمحلية، ممّا يؤدي إلى زيادة العرض، والمزيد من رواد الأعمال والمزيد من خلق فرص العمل والمزيد من الرفاه الإجتماعي. وتعرف هذه الدائرة المفيدة بتأثير مضاعف للإستهلاك الوطني/المحلي.
ويعتبر المعهد أن الوعي الجماعي يتطور تدريجيا على المستوى العالمي لإتباع نمط حياة مسؤول، صحي وصديق للبيئة وأخلاقي ووطني.
ويعد إستهلاك المنتجات الوطنية، بحسب المصدر ذاته، من بين مظاهر الوطنية الإقتصادية، الذي يمتد إلى مستوى متقدم وأقل جغرافيا لتعزيز الإستهلاك المحلي، دون المساس بالإنفتاح الإقتصادي.
ويعتقد المعهد أنه لابد من توضيح أن ارتفاع نسبة نفاذ المنتجات المستوردة في الإنتاج الوطني يقلل بشكل كبير من قيمة الإستهلاك الوطني، بمعنى آخر، إن تحسين إستهلاك المنتجات الوطنية يمر عبر تحسين السيطرة على سلاسل القيمة بالكامل للمنتجات الوطنية (التكثيف من المدخلات الوطنية).
وحث في هذا الشأن على وجوب التركيز على إنتاج واستهلاك المنتجات الوطنية، التّي تتكوّن من منتجات وسيطة وأوّليّة وطنية، وهي مقاربة تستدعي آليا الجمع بين التدابير التنظيمية والحوافز الإقتصادية، فضلا عن حملات التوعية.